المجلة | آيـــة |{وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى ق

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة

{وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ. اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ. وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}
إنها استجابة الفطرة السليمة لدعوة الحق المستقيمة. إنها صورة من الإيجابية الفاعلة فهذا رجل سمع الدعوة فاستجاب لها بعد ما رأى فيها من دلائل الحق والمنطق ما يتحدث عنه في مقالته لقومه. وحينما استشعر قلبه حقيقة الإيمان تحركت هذه الحقيقة في ضميره فلم يطق عنها سكوتاً؛ ولم يقبع في داره بعقيدته وهو يرى الضلال من حوله والجحود والفجور؛ ولكنه سعى بالحق الذي استقر في ضميره وتحرك في شعوره. سعى به إلى قومه وهم يكذبون ويجحدون ويتوعدون ويهددون. وجاء من أقصى المدينة يسعى ليقوم بواجبه في دعوة قومه إلى الحق، وفي كفهم عن البغي، وفي مقاومة اعتدائهم الأثيم الذي يوشكون أن يصبوه على المرسلين. وظاهر أن الرجل لم يكن ذا جاه ولا سلطان. ولم يكن في عزوة من قومه أو منعة من عشيرته. ولكنها العقيدة الحية في ضميره تدفعه وتجيء به من أقصى المدينة إلى أقصاها. ثم ها هو يهتف فيهم {اتبعوا من لا يسألكم أجراً وهم مهتدون}. إن الذي يدعو مثل هذه الدعوة، وهو لا يطلب أجراً، ولا يبتغي مغنماً. إنه لصادق. وإلا فما الذي يحمله على هذا العناء إن لم يكن يلبي تكليفاً من الله؟ ما الذي يدفعه إلى حمل هم الدعوة؟ ومجابهة الناس بغير ما ألفوا من العقيدة؟ والتعرض لأذاهم وشرهم واستهزائهم وتنكيلهم، وهو لا يجني من ذلك كسباً، {وهم مهتدون}. وهداهم واضح في طبيعة دعوتهم. فهم يدعون إلى إله واحد. ويدعون إلى نهج واضح. ويدعون إلى عقيدة لا خرافة فيها ولا غموض. فهم مهتدون إلى نهج سليم، وإلى طريق مستقيم. ثم عاد يتحدث إليهم عن نفسه هو وعن أسباب إيمانه، ويناشد فيهم الفطرة التي استيقظت فيه فاقتنعت بالبرهان السليم، إنه تساؤل فطري. {ومالي لا أعبد الذي فطرني؟}. وهو يحس بفطرته الصادقة الصافية كذلك أن المخلوق يرجع إلى الخالق في النهاية. كما يرجع كل شيء إلى مصدره الأصيل. فيقول :{وإليه ترجعون}. ويتساءل لم لا أعبد الذي فطرني، والذي إليه المرجع والمصير؟ ويتحدث عن رجعتهم هم إليه. فهو خالقهم كذلك. ومن حقه أن يعبدوه .

المزيد